عادات وتقاليد جبالة

عادات وتقاليد جبالة

عادات وتقاليد جبالة

تستعمل قبائل جبالة  لهجة مميزة ، عبارة عن مزيج بين لهجة أندلسية خالصة و مفردات عربية وبربرية بالإضافة إلى مفردات من اللغة الإسبانية  ومفردات ذات أصول تركية و فارسية و فرنسية كما توجد في لهجة  جبالة كلمات عديدة ترتبط باللهجة التي كانت متداولة لدى عرب صقلية .

أما في ما يخص تقاليد وعادات جبالة،فالمعروف أن هناك عادات تشترك فيها كل قبائل جبالة ،بل هناك عادات تعم كل القبائل المغربية ،كما أن هناك عادات خاصة بقبائل دون أخرى ،كما أن لكل قبيلة مواسمها التي تحتفل فيها بالذكرى، ذكرى جد أو ولي صالح ينتسب إليه أهل القبيلة على اختلاف فرقهم، فالموروث الشعبي الجبلي غني ومتنوع ،مما يجعل قبائل جبالة متميزة عن غيرها من القبائل المغربية ،هذا التميز يظهر جليا من خلال اللباس واللهجة وكذلك من خلال الموسيقى والمنتوجات التقليدية وغيرها ،ضف إلى ذلك تفردها بإحياء أعياد ومواسم وتخليدها لحفلات متعددة داخل السنة.
بناء على ما ذكرناه وفي غياب دراسات و بحوث مستفيضة حول عادات كل قبائل جبالة ، سنكتفي بعادات وتقاليد قبيلة بني مسارة كنمودج والتي لا تختلف عن تقاليد باقي القبائل. 

ويقسم الأستاذ عبد السلام البكاري التقاليد الإجتماعية لقبيلة بني مسارة إلى عادات أو عوائد شائعة  ، وعادات عرفية ، ومواسم ، وألعاب مسلية .
(1)

 الحاكوز : دأبت قبيلة بني مسارة على إحياء عادات وتقاليد عديدة منها عادات أقدم من غيرها كهذه العادة التي تنسب إلى قدماء الرومان ،والتي يحتفل بها اليوم الأول من فاتح يناير الفلاحي ،ويسمى هذا اليوم"حاكوزا" وهو اليوم الفاصل بين السنة الفارطة والسنة الجديدة .وقد احتفل سكان جبالة بهذه العادة مند القديم ويستمر الإحتفال بها إلى يومنا هذا إلا أنها بدأت في التراجع .و يكون الإحتفال بهذه العادة ليلة رأس السنة الشمسية ويستمر الإحتفال ليلتين متتاليتين بإعداد عشاء خاص مكون من الدشيشة المحلية ،و التريد والسفنج صباحا و الحمص المبخر و الممزوج بالتوابل وهي وجبات شهية يحبها الأطفال وتجعلهم ينتظرون عادة "الحاكوز" للسنة القادمة ، حيث يطوف الأطفال بالمشاعل ليلا ينشدون ويرددون شعارات ، ويجولون في مداشرهم خلال الليلتين ويطلبون من كل دار شيئا يعطى لهم .

موت الأرض

من العادت القديمة عادة "موت الأرض" وتكون أول موسم الصيف الفلاحي  حوالي منتصف مايو الفلاحي ، حيث  يهيئ سكان قبيلة بني مسارة أكلة شهية خاصة يودعون بها فصل الربيع ،وتكون مشكلة من البيض المسلوق غالبا ما يكون بيض حجل بري ممزوج بزبدة أو سمن والخبز المخمر وغيره ، ومعنى  "موت الأرض" واضح من خلال التسمية ، حيث تبدأ الأرض بالتشقق وتصبح قاحلة حيث يصير الأخضر أصفرا ، و تنضج المزروعات في المنطقة  لتصبح يابسة و قابلة للجني والحصاد.

العنصرة

هي عادة قديمة متوارثة عن الرومان والفرس ، يكون الإحتفال بها حوالي منتصف شهر يونيو ، حيث يدخل سكان القبيلة حقولهم ومزارعهم يجمعون الحطب والحشائش ويشعلون النار إعتقادا منهم أن الدخان المنتشر في الحقل بين الأشجار يحمي الثمار حتى مرحل النضج . تشبه إحتفالت العنصرة  إلى حد بعيد إحتفالت عاشورا في إشعال النار.

الكرامة والزردة "كعوانة"

وهي عادة يلزم بها المتزوجون الجدد داخل السنة ، حيث يلزم كل متزوج بإعداد وجبة يوم عيد الأضحى أو عيد الفطر أو عيد المولد النبوي الشريف ، يعد كل متزوج جديد وجبته التي يحرص على إعدادها ويوصي الزوجة باتقانها ، ويحملها إلى المسجد حيث يكون سكان القرية بانتظارهم.وتكون هذه الوليمة فرصة للترفيه وتقييم عمل وطبخ الزوجة الجديدة ،وتكون الوجبة في الغالب مكونة من لحم الماعز والدجاج والبيض.

عادة الزواج

تميز الزواج في منطقة جبالة إلى عهد قريب ، بكونه يكون مبكرا ومن داخل العائلة الواحدة و القرية أو القبيلة على أبعد تقدير ، كما أنه اتسم بالبساطة وعدم غلاء المهور ، كما كان العرس أو حفل الزفاف السمة المميزة للزواج ، والذي كان يستمر لأكثر من يومين . يسبق إحتفال العرس الخطبة أو الهدية بحوالي أسبوع أو أسبوعين ، تليها العراضة وهي الدعوة للحضور وتكون عامة لأهل القرية ، يدوم الحفل ليلتين أو أكثر يقدم خلالها الطعام الذي يكون عبارة عن زبدة أو سمن وعسل كوجبة فطور ، تليها وجبة شهية من الفول واللحم...وبعدها تحمل العروس إلى بيت زوجها في هودج مصنوع محليا ومكسى بأجمل الأثواب من حايك وسبنية...كما أن هذه العادة تختلف من قبيلة لأخرى .أما في عصرنا هذا فإن هذه العادة بدأت بالزوال ، وأصبح غالبية  شبان جبالة مضربين عن الزواج المبكر ، كما أن العرس لم يعد ضروري كالسابق ،كل هذا له أسبابه الموضوعية .

العقيقة

وهي عادة توازي في قيمتها الأعياد المقدسة كعيد الأضحى وعيد الفطر ، والعقيقة حفل يقام اليوم السابع من إزدياد المولود وفيه يسمى ، و يتم في هذا  الحفل دعوة أهل القرية أو العائلة وذبح كبش أو كبشين أو ماعز أو غيرها ، ولا يجوز لمن إزداد له مولود التخلي عن هذه لعادةإلى يون هذا ،إذ يصبح مذموم من طرف هل القرية .

الإحتفال بحفظة القرآن

تزخر قبائل جبالة بالعديد من المساجد التي دأبت على تلقين الأطفال الدين وتحفيظهم القرآن الكريم ، إذ لا تخلو قرية تقريبا من هذه المساجد ، وقد حرص الأقدمون من سكان جبالة على تلقين أبنائهم القرآن في المساجد ، و خصصوا إحتفالا يعتبر تكريما للطفل الذي يتم حفظ القرآن   "السلكة" ، وهو إحتفال عائلي تقام فيه وليمة ويدعو والدي الطفل الأهل وفقيه القرية والطلبة الأخرين للحضور والإحتفال وتلاوة القرآن.

إعتادت قبائل جبالة منذ زمن بعيد على الإحتفال بعدة مواسم ، غالبا ما يتم تنظيم هذه المواسم من طرف كل قرية و مدشر على حدة و باستقلال عن باقي المداشر ،و تقام هذه الإحتفالات بجوار الأضرحة أو المساجد ، تكون مصحوبة بطقوس مختلفة تختل من قرية لأخرى ، وهو إحتفال تراثي يجمع بين الوليمة والفرجة وتستحضر فيه أشكال من الفنون التراثية الشعبية كالبواردية وموسيقى الطقطوقة الجبلية  ...ونذكر على سبيل المثال لا الحصر موسم"مولاي عبد السلام بن مشيش"   بضواحي مدينة العرائش ، وموسم "سيدي عبد الله الهبطي"  بقرية زومي ، وموسم "مولاي عمران" بقرية الزاوية و موسم مولاي "بوشتة الزغاري"...تصاحب هذه المواسم التي يجد فيها سكان جبالة فرصة للترفيه و المتعة ، خاصة المرأة التي تعتبر العنصر الأساسي تعد الكسكس وأنواع  الطعام ،طقوس عديدة كختانة الأطفال وحضور فرقة الغياطة والبواردية ، و ذبح الذبائح...إلا أن هذه العادات أصبحت تندثر شيئا فشيئا .

كباقي القبائل المغربية ، إنتشرت في مناطق جبالة العديد من ألعاب الأطفال ، ألعاب تتسم بالبساطة وتعتمد على ماهو محلي إلا أنها كا نت ألعاب مسلية ، كلعبة القشرة أو ما سمي ب"شرة"  وهي لعبة تشبه لعبة الكولف حاليا ، تعتمد اللعبة على مطاردة قشرة  فلينية  بالعصي وهي لعبة حافظت على إستمراريتها إلى يومنا هذا ، لعبة الغميضة التي عرفتها في كل المناطق ولا تزال تحتفظ بشهرتها بين الأطفال ، لعبة "قرقب السطل" التي كانت تعتمد على القفز فوق مجموعة من العصي ، ولعبة "سارة" وغيرها من الألعاب التي اندثرث .

موسم قرية زومي

عادات وتقاليد جبالة

(للمزيد من الفيديوهات عن عادات وتقاليد جبالة انقر هنا)

(1) المصدر كتاب الوجيز في تاريخ واعلام بني مسارة,ص 21... ص 27.للاستاذ عبد السلام البكاري